إلهام الأسر

أين نحن من آمال الأسرى؟

بقلم: عصمت منصور

 

كلما ضاقت بهم الزنازين، كلما اتسعت لديهم فسحة الأمل، هكذا هم أسرانا، وهكذا هو واقعهم، هناك هامش صغير وهش لا يكاد يُرى؛ يفصل ما بين الوهم الكاذب؛ والأمل المرهف المرتكز على يقين وإيمان بحتمية التحرر، من لم يعش التجربة أو يحتك بها عن قرب؛ سيستعصي عليه التفريق بين الأمل الذي يجترحه الأسير من كل شيء؛ من صوتِ طفل، أو إشراقةِ خيط شمس في زاوية الزنزانة، أو خبرٍ عابرٍ في إذاعة … الخ، وما بين الوهم الذي يحاربونه بالعزيمة والإيمان والقناعة بأن الوهم قاتلٌ ومدخلٌ لليأس، بينما الأملُ سلاحٌ وأداةٌ من أدوات الصمود، فالأملُ مسلحٌ بالوعي وهو الشرط لتحقيقه.

 

لذا لا غرابة أن إدارة السجون ومِن خلفِها طواقمُها من الخبراء النفسيّين وعلماء الاجتماع ينشغلون أيّما انشغال في معنويات الأسير وقتل روح الأمل لديه وتجريده من الدرع الواقي الذي يحافظ على كينونته ووجوده وقدرته على المواجهة "الأمل".

 

أقول هذا الكلام كأسير ذي تجربة أمضى عشرين عامًا في الأسر، لا لأتغنى بالأسرى وقدرتهم على اجتراح الأمل وتنفس عبير الحياة من خلاله وملامسة أطراف الغد المنشود به؛ بل كي أدعو إلى الاهتمام بهذا الجانب المعنوي وتعزيزه ومساعدة الأسرى على عيشه، وهذا لا يتطلب منا الكثير، يكفي أن نتذكر الأسرى وعائلاتهم في رمضان والأعياد وكل مناسباتنا الدينية والوطنية حتى يشعروا أنهم ليسوا وحدهم وأن شعبهم خلفهم.

 

كما أن على المستوى القيادي -في السلطة والأحزاب على حد سواء- أن يخاطب الأسرى في كل مرة يظهر فيها إعلاميًّا، لما تحمله هذه الخطوة من رسائل لهم ولعدوهم الذي يأسرهم، ليس هذا وحسب، بل إن على المستوى القيادي مسؤولية كبيرة في تعزيز آمال الأسرى وذويهم، وتقليص مساحة الوهم بنقل أخبارهم الدقيقة بلا مبالغة أو تهويل، لما له من آثار سلبية على نفسية الأسير وخيبة أمل أهله في حال لم تتحقق.

لنكن عونًا لأسرانا ناصرين مؤازرين ولا نلقي بالمسؤولية كاملة على كاهلهم، فالأمل المتجذر في نفوسهم والراسخ في قناعاتهم وإيمانهم بخالقهم وعدالة قضيتهم يتطلب منا صلابة وتضحية، فتلك مسؤوليتنا الدينية والإنسانية التي يتوجب علينا قيادتها حتى أعتاب الحرية.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى