زاجل الأسرىكي لا ننسى

فماذا لو كنت أسيرا ؟!

  بقلم :أحمد سعد.

” فقط اجعل احدهم يغلق عليك باب غرفتك من الخارج وعش فيها بمفردك لمدة يوم واحد ” تجربة لن تكلفك الكثير ولكن يتكون اقوى اجابة لكل ما ستساله عن حياة الاسري بالداخل، تلك الكلمات قلتها لاحدهم حين رأى معي صورا لبعض الاسري داخل السجن يأكلون ويجلسون على الاسرره كما انه وجد فى الزنزانة شاشه تلفاز يتابعون عليها الاخبار فبادرني وقال لي ” دول الاسري الى بتكتب عنهم دول عايشين احسن مننا “.

ذاك الشخص لم يكن الوحيد الذى قال لي نفس الكلام بل هناك العشرات من ابناء العرب للأسف لا يعرفون شيئا عن وضع الاسري فى سجون الاحتلال معتقدين انهم يعيشون فى احسن حال ولا يعرفون ان سلب الحرية وحده لا يضاهيه مال الدنيا وما عليها، فى هذا المقال وعلى عكس المرات الماضية لن اجيب ولكن سأطرح عليكم سؤالي ” ماذا لو كنت أسير ؟! “.

وقتها تذكرت ما حدث لي منذ حوالى ثلاثة اعوام حين كنت فى مقر عملي وقررت الدولة وقتها بفرض حظر التجوال على البلاد لم استطع الخروج وجلست مجبرا في مكتبي الى صباح اليوم التالي، كان كل شيء متوفر المأكل والمشرب التلفزيون كما ان لدى جهاز الكمبيوتر الخاص بي في العمل والانترنت، كانت كل وسائل الراحة موجوده وكلها ثماني ساعات وسأعود الى منزلي لأستريح وكأن شيئا لم يكن، مرت الساعة الاولى ثم الثانية ثم بدأ الوقت يمر ببطيء شديد وكانت الدقيقة الواحدة وكأنها يوم، بدأت اشعر بالملل الذى تطور الى الخنقة والضيق الشديد، لم تنفعني كل تلك الرفاهية لأني شعرت اننى مقيد لا استطيع الحركة، كل اصدقائي انهو عملهم باكرا واستطاع كل منهم ان يعود لمنزله وانا الوحيد المحبوس بالخارج.

فى صباح اليوم التالي عدت لمنزلي واسترحت واستيقظت لأنهى عملي باكرا وعدت للبيت ولأنى شخص لا احب الجلوس فى المنزل واحب ان اظل في الشارع طول الليل بدأت اشعر وكأنى مسجون طيلة الشهور التى تم فرض فيها حظر التجوال عقب الثورة في مصر، رغم انى في صباح كل يوم اخرج وارى الدنيا، تذكرت الموقف وقلت فى نفسي فماذا لو كنت أسيرا؟ لا امل لي في الخروج حتى ولو لساعه واحده في الصباح، لا امل لرؤية من احب، تجربه بسيطة جعلتني اعرف ان الرفاهية لا تغنى عن الحرية.

فدعونا نتبادل الاماكن ونكن نحن الاسري وهم الاحرار، ذات يوم شاهدت فيلما وثائقيا عن حياة الاسري بعد التحرر كانوا هؤلاء الاسري الذين لو ظهروا في الفيلم من قداما الاسري او من اصحاب المدد الطويلة دخلوا صغارا في فترة الثمانينات وخرجوا كبارا في فترة الالفين، عبقرية صناع الفيلم فى اختيار هذه الفئه وهذه الحقبة الزمنية من من دون باقي الاسري كانت رائعة، فهذه الحقبة تغير فيها العالم باسره وتغيرت فيها التكنولوجيا باختصار خرجوا راو انفسهم في دنيا غير تلك التي يعرفونها.

تخيل نفسك ولو لمجرد ثانيه انك اسير بين اربعة جدران، لا ترى أي انسان سوي من معك في الاسر هذا لو لم تكن في حبسا انفراديا، نفس الكلام يتكرر نفس الوجوه نفس الاحداث لأنه تقريبا ليس هناك جديد في تلك الاحداث، وفوق كل هذا وذاك انت منسي لا يذكرك سوي اقربائك الذين اذا ماتوا ستصبح انت نسيا منسيا رغم حياتك التي عرضتها للخطر من اجل ان يعود الحق لأصحابه .. فماذا لو كنت أسير ؟!

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى