زاجل الأسرىكي لا ننسى

الأقمار الأسيرة

 

بقلم : هبه الجندي


سبعة آلاف قمر في سماء الأسر ينتظرون بزوغ الشّمس منذ أعوام، ينتظرون وعدا طال انتظاره وما انقطع الرّجاء فيه، يُعبّدون الطّريق نحوه بالصلاة والدعاء وشحذ الهمم لئلاّ تخور، إنّهم أسرانا وأسيراتنا البواسل في سجون الاحتلال الصّهيوني، فقد تحدّثت الأرقام عن عدد يقارب السّبعين أسيرة والأربعمائة طفل من بين جموع الأسرى.


ثمن غالِ


يحاول الكيان الصّهيوني كسر عزيمة الشّعب الفلسطيني بفرض عقوبات وأحكام غير واقعيّة، وكلّ الأمر كذبة سوداء من الألف إلى الياء. يدخل الأسير في البداية دوّامة الاعتقال الإداري وما هو إلاّ وسيلة كيديّة اختلقتها مخيّلة الاحتلال المريضة لتجديد اعتقال الأسرى مرّة بعد مرّة دون محاسبة أو قضاء، إلى أن يتمّ تحديد موعد للمحاكمة والتي بدورها لن تكون أرحم من سابقتها فتارة يؤجّل الاحتلال المحاكمة بحجّة غياب القاضي، وتارة بحجّة عدم الاستعداد وطورا بحجّة التأجيل !


ثم تُقام المحكمة الهزلية التي ستدعوك إلى الضّحك فاغرا فمك على ما يحدث فيها من تمثيل على أرفع المستويات، فالقرار محدّد مسبقا والحكم صادر قبل المرافعة حتّى، ويتمّ تحديده بناء على درجة إغضابك واستفزازك لأولئك المحتلّين من قاضيهم إلى أصغر عسكري فيهم، فهنالك أسير حُكم بخمسة مؤبّدات وآخر بستّة وثالث بعشرين ومنهم من فاق الخمسين، وما ذلك إلاّ تأكيد على أن الاحتلال مهما تغيّرت ملابسه سواء كانت بدلة لرئيس أو روبا لقاض … فهي بالنّهاية تخفي تحتها همجيّا محتلاّ.


ردّ الفعل


ليسوا وحدهم .. أولئك الأسرى الذين تجمّعوا خلف القضبان لدهس مستوطن أو طعن آخر، أو حماية مرابطة في ساحة الأقصى أو الثّأر لشهيد أو معانقة زيتونة قبل أن تُقلع، كلّهم ليسوا وحدهم، هنالك آلاف الأيدي التي تعمل من أجلهم …


ولا شكّ أنّنا جميعا سعدنا بالفيديو الأخير الذي بثّته المقاومة الفلسطينيّة مؤخّرا في ذكرى ميلاد الجندي الصّهيوني شاؤول أرون، والذي فُقد في الحرب الأخيرة التي خاضها العدوّ على قطاع غزّة، وظهر في المقطع عدد من الجنود وهم يرتدون ملابس الجيش الصّهيوني وعلى ياقة أحدهم كُتبت عبارة ( السّجين رقم 107 )، وجملة باللّغتين العربية والعبرية تقول : ( عام جديد والجندي شاؤول بعيدٌ عن أهله ).


ومنذ ثلاث سنوات ما زالت عائلة الجندي المفقود شاؤول آرون تطالب حكومة نتنياهو بالعمل على إستعادة ابنها،
والحكومة تردّ بأنه قُتل وبأنها لن تفاوض المقاومة من جديد ما دامت لم تعثر على أدلة صارمة ونافذة في هذا الشأن،
وهي لربّما تسعى إلى المماطلة وكسب المزيد من الوقت لمعرفة معلومات عن مكانه ومحاولة استعادته علها بهذا تمحو عارها الفادح في قصة الجندي شاليط.


صفعة للاحتلال


أرادت كتائب الشهيد عز الدين القسام التي أظهرت الجندي جالسا على كرسي متحرّك ومكبّلاً وعاجزا عن الحركة وفكّ وثاقه، أرادت أن توصل رسالة لم تخفى على أحد، وهي أنّها لم ولن تنسى أسراها وأنها تعمل لأجل إطلاق سراحهم بجهد متواصل ليلاً ونهارا.


وحصل الكثير من التّفاعل لاحقا على الفيديو المنشور وخاصّة من جانب الاحتلال، الذي ازداد حنقه من جديد على نتنياهو متهّما إياه بالتقصير وخاصة أن الفيديو أظهر في نهايته نتيناهو وهو يرتدي ملابس مهرّج ويتقدم نحو شخصية شاؤول آرون الكرتونية، وحين يصبح نتنياهو قبالة شاؤول آرون يقوم بإطفاء الشمعة وتظهر عبارة تقول ( القرار بيد الحكومة)، وهي إشارة إلى أن الحكومة بقيادة نتنياهو هي من يقرّر موت شاؤول آرون أو بقاءه على قيد الحياة.


بعد المقطع قامت والدة الجندي بتوجيه رسالة إلى رئيس حكومتها وبلهجة غاضبة مفادها أن هؤلاء الجنود سينسونك طالما نسيتهم، وهذا انتصار للمقاومة إذ أن التّفكّك في صفوف المرتزقة الصهاينة أمر مطلوب، وتشكيكهم بمقدرة حكومتهم على حمايتهم هو مطلب آخر أهمّ.


ضوء في نهاية النّفق


حين تناهى إلى مسمع الأسرى ماقيل عن ذلك الفيديو وما تبعه من ردود فعل، تسلّل الفرح إلى قلوبهم إذ أنّ العودة باتت مسألة وقت في نظرهم، حتى تُرتّب المقاومة أوراقها الدّاخلية وتطمئنّ على جميع أركانها كما فعلت في عملية تسليم وإطلاق سراح شاليط، وليس هذا فحسب بل إنّ هنالك أدلة تؤكد فقد جنديّين آخرين هما هدار غولدن الذي فُقد في عام 2015، والجندي أبراهام منغستو وفقد الاتّصال معه في ذات العام أيضا.


لم تُعَقِب المقاومة شيئا على ما حدث، لم تقل أكثر من تلك الرّسالة التي ننتظر أن تتحوّل إلى قصّة ناجحة أخرى من قصص المقاومة الحرّة… فصبرا آل فلسطين.

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى