عين على السجونواقع السجون

المعاناة في السّجون الصّهيونيّة: سجن مجدّو نموذجا

 

بقلم:-  أحمد عبدالله .


تُعتبر قضيّة الأسرى من القضايا التي تحتلّ مكانة كبيرةً لدى الشّعب الفلسطينيّ الذي  يتعاطف معها ويشعر أنّها من أهمّ القضايا الوطنيّة المعلّقة، والّتي لا يمكن أن يكون لها نهاية، دون تحرّرهم من سجون الاحتلال.
ولكنّ واقعنا المرير يفرض على هؤلاء الأبطال البقاء خلف القضبان، وأقلّ ما يتوجّب علينا فعله هو تسليط الضّوء على معاناتهم لعلّنا نتمكّن من التّخفيف عنهم في ظلّ استمرار الصّمت الشّعبي والرّسمي.
وإنّنا عندما نتحدّث عن المعتقلات الصّهيونيّة لا بدّ أن نذكر ثاني أكبر السّجون من حيث الاكتظاظ وهو سجن مجدّو.
سجن مجدّو:
يقع معتقل مجدّو في منطقة مرج بني عامر، ويتبع منطقة حيفا، حيث تقع إلى الشّمال منه العفّولة ،وجنوبا جنين، وشرقاً بيسان، وغربا وادي عارة ،وقرى المثلّث ،ويتميّز بجوّه الدّافئ، والرّطوبة الزّائدة لأنّه يقع في منطقة غوريّة.
وقد تمّ افتتاح معتقل مجدّو للأسرى الأمنيّين الفلسطينيّين، في شهر مارس من عام 1988 مع بدء الانتفاضة الأولى، حيث كان يقيم فيه قبل ذلك أسرى جنائيّون يهود ولبنانيّون.
ويتبع معتقل مجدّو لسلطة الجيش الصّهيوني، وليس لمصلحة السّجون، أي أنّه يخضع للإدارة العسكريّة.
ويعتبر أغلب معتقليه من منطقة شمال الضّفة نابلس، جنين، طولكرم، قلقيلية ،سلفيت٠ ويوجد فيه اليوم 12قسما منها 9 أقسام مفتوحة.
كما يوجد فيه قسم معبار للموقوفين، وهو قسم 12 ،أمّا قسم 11، فهو قسم العار قسم العصافير، وفي عام 2013 شهد سجن مجدّو جريمةٍ قام بها الاحتلال بحقّ الأسير الشّهيد عرفات شاهين جردات من مدينة الخليل ،حيث توفّي في السّجن بعد ستّة أيّام من اعتقاله. أمّا قسم 10 فهو قسم الزّنازين، حيث يتمّ وضع الأسرى المضربين ،أو الذّين يواجهون مشاكل مع إدارة السّجن .
بالنّسبة إلى الأقسام من واحد إلى تسعة، فهي أقسام الأسرى الأمنيّين، في حين يخصّص قسم 4 للأشبال الذّين لا تزيد أعمارهم عن 18عاما.
أمّا تقسيمه من النّاحية التّنظيميّة، فهو في أغلبه من حركة فتح، ويعود ذلك لسياسة إدارة السّجن بعدم تكاثر الأسرى الذّين ينتمون لفصائل إسلاميّة كحماس والجهاد.

المعاناة في سجن مجدّو
يعتبر أسوأ السّجون من حيث الحياة المعيشيّة من كنتينة أو معاملة. وإنّه من الصّعب وصف معاناة الأسرى في ظلّ افتقادهم للاتّصال بأهلهم ؛حيث يندر وجود أجهزة اتّصال تساعدهم على ذلك.
وأنا كأسير سابق ٍفي سجن مجدّو، كنت شاهدا على ما يعيشه الأسير من واقع أليمٍ، فمن تعرّض للأسر، يعلم أنّ الاتّصال بالأهل يخفّف من  معاناة الأسر والبعد.
نتحدّث هنا عن افتقار هذه السّجون للحدّ الأدنى من شروط الحياة الآدميّة ،وما يحدث فيها هو امتهان لكرامة الإنسان الفلسطينيّ.
إنّ ما يحدث وراء هذه الجدران ،وتلك الأسلاك الشائكة ،هو  إسراف في التّعذيب ، وإهمال واضح أدّى إلى تفشّي الكثير من الأمراض. هذه الكلمات هي خلاصة ما توصّلت  إليه الجمعيّة الفلسطينيّة لحقوق الإنسان والبيئة.
وقد أدلت مؤسّسة التّضامن الدّولي لحقوق الانسان في واشنطن، بشهادةٍ في هذا الأمر، حيث جاء فيها “أنّ الأسرى والمعتقلين في السّجون الإسرائيليّة يعانون النّقص في النّظافة ،وسوء الرّعاية الصّحيّة ،والحرمان من الطعام الجيّد، إضافةً إلى سياسة العقاب العنيفة ،الّتي تتّبعها إدارة المعتقلات ،في حقّ السّجناء المخالفين لأبسط تعليمات الإدارة والّتي تصل إلى حدّ العقاب الجماعي”،
بالإضافة إلى التّفتيش  العاري، والعدّ الّذي يصل إلى ثلاث مرّات في اليوم، وغيرها من السّياسات الّتي تهدف إلى إذلال الأسير وزيادة معاناته.

الأسرى الاطفال في سجن مجدّو
الأسرى القاصرون في سجن مجدّو ،يعانون من المعاملة السّيئة سواءً أثناء الإعتقال ،أو التّحقيق ،أو أثناء قضائهم فترة حكمهم.
قالت هيئة شؤون الأسرى والمحررين :إنّ الأسرى القاصرين في قسم 4 بسجن “مجدّو”، يعانون البرد، ومشاقّ “البوسطة”، والمعاملة السيئة.
ونقلت محامية الهيئة، هبة مصالحة، رسالة ممثّل الأسرى القاصرين مفادها ،بأنّ القاصرين يعانون أشدّ المعاناة خلال نقلهم في سيارة “البوسطة”، من السّجن للمحكمة وبالعكس، حيث يستغرق سفر أسرى القدس والجنوب من وإلى المحكمة 3 أيّام، ويقضون ليلة في “معبار” الرّملة، وفي اليوم التالي يسافرون إلى المحكمة، وفي العودة ينقلون مجدّدا إلى “المعبار”، ويقضون ليلتهم الثّانية هناك، وفي اليوم الثّالث يعودون للسّجن، ويصلون في ساعات اللّيل المتأخرة.
وقالت الخطيب: “إنّ هناك وضعا مأساويا في “معبار” الرّملة، حيث الغرف قذرة جدا، وذات روائح كريهة، زيادة على أنّها غرف ضيّقة جدّا، ومتّسخة، ومليئة بالحشرات، بالإضافة إلى نقلهم بما يعرف بالبوسطة، وهو أمر متعب جداً، حيث الجلوس لساعاتٍ طويلةٍ على كرسيّ من الحديد داخل قفصٍ صغير، والأسير مقيّد اليدين والقدمين، وفي أجواءٍ حارّة في الصّيف، أو البرد القارس في الشّتاء، ودون طعام أو ماء، مع الشّتائم والمضايقات المستمرّة بحقّهم، بما لا يستطيع تحمّله أيّ إنسان. تصوّر أيّها القارىء، أنّ من يتعرّض لكلّ هذا العذاب هو ابنك أو ابنتك .
إذن هي ضريبة العيش بكرامة وعزّ يدفع ثمنها الأطفال بحرمانهم من حريتهم ومن أحضان أهلهم ومن مدارسهم.
جرح لم ولن يندمل مادام هناك أسير واحد خلف القضبان.
هذا شكل من أشكال العقاب يشكّل عبئا على كاهل الطّفل، وتبقى آثاره في نفسيّته وعلى جسده الطّفوليّ البريء.

ماذا ننتظر ؟؟
بعد ما علمنا ،بما يقاسيه أبناؤنا الأسرى في سجون القهر، هل ننتظر أن يخرج من هذه السّجون المزيد من الشّهداء؟؟
صمت عجيب وتخاذل، إنّها واللّه وصمة عارٍ على جبين كلّ عربي ومسلم، أن نبقى صامتين رغم كلّ ما يحدث،
لا بدّ من التّحرك ،ولابدّ من النّهوض ،من قوقعة الأمن الوهميّة الّتي نعيش فيها.
نحن الشّعب الفلسطينيّ عائلةٌ واحدة، وكلّ مناضل في سجون الإحتلال هو ابنٌ أو ابنة ٌ لك فاخلع عنك الخوف والتّخاذل، وانهض فإنّ أسرانا البواسل بحاجة إليك.




 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى