الأسرى بعيون القانونشؤوون الأسرى

تعذيب الأسرى سلوك ممنهج   بمشاركة الجهات القضائية والأمنيّة والطّبية للاحتلال  

بقلم : رياض الاشقر  

 

إنّ ارتقاء 72 أسيرا فلسطينيّا شهداء نتيجة التعذيب لهو خير دليل على استخدام الاحتلال لأساليب تحقيق إجرامية ومحرّمة دوليّا، حيث يمارس الاحتلال التّعذيب ضدّ الأسرى في السجون كسياسة ممنهجة ومدروسة وبتصريح من الجهاز القضائي الذي يعطى الضّوء الأخضر للمحقّقين لاستخدام أساليب التعذيب المحرمة ضدّ الأسرى لانتزاع المعلومات، وليس سلوكا فرديا، مما يؤكد وجود تكامل في الأدوار بين الجهات المختلفة القضائية والأمنية والطبية للاحتلال  لتعذيب الأسرى .

 

ويعتبر كيان الاحتلال الوحيد الذي يجيز التّعذيب ويضفي عليه صفة الشّرعية، فنادرًا ما يعتقل مواطن فلسطيني ولا يتعرّض لإحدى أشكال التّعذيب، سواء لحظة الاعتقال أو في أقبية التّحقيق والّتوقيف التي تمارس فيها كافّة ألوان التّعذيب الجسدي والّنفسي.

بداية، يوضع الأسير في ظلّ ظروف محبطة وصعبة للغاية، و يُزجّ به في زنزانة صغيرة دون فراش أو غطاء لا تدخلها أشعّة الشّمس، والتهوية فيها تكاد تكون معدومة، وذلك للتّأثير على معنويّاته وإرهابه، وبعد مرور عدّة أيّام يبدأ التّحقيق والتّعذيب.

يتعرّض الأسير منذ اليوم الأوّل للتّحقيق إلى جولات طويلة ومتكرّرة من التّحقيق فيمنع من النّوم لأيّام، ويتعرّض إلى “الشّبح” لفترات طويلة، وكذلك يستخدم الضّرب بالأيدي والأقدام، والرّبط في أوضاع مؤلمة، كربط السّاقين وشدّهما إلى الخلف من تحت كرسي، ثمّ الدّفع بجسم الأسير نحو الخلف، واستخدام الموسيقى الصّاخبة واستغلال مرض المعتقل أو إصابته للضّغط عليه والتّهديد بقتله أو باعتقال أفراد الأسرة واستخدام أسلوب الهزّ العنيف لجسده وحرمان المعتقل من زيارة المحامي والأهل.. الخ .  

كذلك يستخدم الاحتلال أسلوب الهزّ العنيف للأسير بحيث يقوم المحقّق بإمساك الأسير من ياقة الثّوب الذي يلبسه ويشدّه بقوّة ويضيّق بها على عنقه ويبدأ بهزّه إلى الأمام والخلف بقوّة وبتكرار متواصل لفترة ما، بهدف إرهاقه وإضفاء جوّ من السّيطرة والهيمنة عليه، وكذلك تستخدم أسلوب بطح الأسير على ظهره ويداه مكبّلتان من الخلف بهدف إحداث آلام فظيعة في اليدين عبر ضغط الجسد على اليدين، وثقل جسد المحقّق للضّغط على أعلى صدر الأسير، بهدف انتزاع الاعتراف تحت ضغط الآلام المبرحة.

“ومن أساليب التّعذيب أيضًا وضع المعتقل في ثلاّجة، ويتمّ ضخّ هواء بارد جدًّا في الدّاخل مما يؤدّي إلى تجمّد المعتقل داخلها ويستمرّ وضعه فيها أحيانًا لعدّة ساعات، وقد تمّ استخدام هذا الأسلوب مع 90% من المعتقلين الفلسطينيّين” .

ويهدف الاحتلال من وراء استخدام التّعذيب الجسدي إلى وضع المعتقل في حالة من المعاناة الجسديّة والألم والعذاب النّاجم عن استخدام هذه الأساليب ومن ثمّ محاولة المراهنة على كسر إرادته وإرهاقه، وإنشاء مبدأ المبادلة بوقف هذه المعاناة الجسدية مقابل الحديث والاعتراف، بينما يهدف من وراء استخدام أساليب التّعذيب النفسي إلى العمل على تحطيم نفسيّة الأسير والوصول به إلى حالة الانهيار النّفسي، والضّعف الذي يدفعه نحو الاعتراف”

وقد حرّمت القوانين الدّوليّة التّعذيب بشكل قاطع ولم تسمح بأيّ مبرر لحدوثه، بل أفردت اتّفاقية خاصّة بمناهضة التّعذيب، إضافة إلى العديد من المواد والمبادئ التي تضمنتها معاهدات واتفاقيات دولية أخرى، منها المادة (7) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، التي تنص على: ” لا يجوز إخضاع أحد للتعذيب ولا للمعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو الحاطة بالكرامة ولا يجوز الاحتجاج بأي ظرف كان كمبرر للتعذيب “.

وعلى الرّغم من توقيع الاحتلال على اتّفاقية مناهضة التّعذيب في تشرين الأوّل من عام 1991 فإنّه يشرع التّعذيب من خلال السّماح باستخدام وسائل التّعذيب، وتوفير الغطاء القانوني لها.

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى