الأردن

الأسير إبراهيم حامد ،، حكاية صمود وعزيمة

 

بقلم :- أسرة تحريرالمجلة

كلنا يعرف الأسير والقائد الكبير إبراهيم حامد، الذي خطط  لعشرات العمليات  التي قتلت وأصابت المئات من الصهاينة في انتفاضة الأقصى، المحكوم بـ 54  مؤبداً، قضى منها 7 سنوات بزنازين العزل الانفرادي بهدف النيل من روحه المعنوية.

يقال أن خلف كل رجل عظيم امرأة، واليوم تقف امرأة عظيمة خلف بطلنا العظيم، صبرت على فراق زوجها وهو مطارَد يلاحقه الصهاينة، وعانت الأمرَّين في سجون المحتل الصهيوني حيث اعتقلت أثناء مطاردة زوجها عام 2003م وأمضت عشرة  شهور في السجن دون تهمة أو محاكمة،  ليقرر بعدها الصهاينة إبعادها إلى الأردن إمعاناً في الانتقام من البطل إبراهيم حامد، فضلاً عن قيامهم بهدم منزلهما في بلدة سلواد شمال شرق رام الله. 

أسماء حامد "أم علي" زوجة الأسير القائد إبراهيم حامد، تلك المرأة التي دونت سطور الوفاء والصبر، تلك المرأة الكريمة التي قدمت مع زوجها زهرة أيامها لتسانده في جهاده ضد المحتل، هي التي أعطت أروع مثال لكل فتاة تتخذ الله غاية والجهاد سبيلاً، فهي التي عاهدته منذ لحظة لقائهما الأولى أن ترافقه على ذات الدرب لا تكل ولا تمل، وها هي تصون عهدها وتفي بوعدها، ولقد فرقتهما الدروب لكن "أسماء وإبراهيم " جمعت بين قلبيهما حياةٌ تخلو من كل شيء إلا من الأمل وانتظار فرج قريب.

 

لنتعرف على  نموذج مشرف للمرأة الفلسطينية المقاومة، عن معاناتها أثناء مطاردة زوجها ومعاناتها في السجن وفي الابعاد.

 

فلنتركها هي لتحكي لنا حكاية صمود زوجها وصبرها الوفيّ،،

 

·       هل لكِ تضعينا باختصار عن حياة المجاهد حامد قبل اعتقاله  في سجون الاحتلال؟

إبراهيم حامد مواليد بلدة سلواد عام 1965م، أنهى مراحل دراسته في البلدة وأنهى درجة البكالوريوس من جامعة بيرزيت تخصص تاريخ وعلوم سياسية وبدأ بدراسة الماجستير ووصل لمرحلة الرسالة لكن لم يكملها لتعرضه للملاحقة من قبل جيش الاحتلال الصهيوني، وغاب الاستقرار عن حياتنا.

دائماً ما أصنّف زوجي على أنه قارئ من الدرجة الأولى ومثقف في معظم المجالات، حافظ لكتاب الله، كان صاحب كلمة ومكانة في بلدتنا، يعطي موعظة قصيرة في المسجد بعد صلاة العصر وكانت بشكل منتظم في رمضان، كما كان يشارك أهل البلدة في حل بعض المشاكل الاجتماعية، تزوجنا عام 1997م ولنا من الأولاد اثنان: علي وسلمى.

بدأ جيش الاحتلال الصهيوني بمطاردة زوجي بعد أقل من سنة من زواجنا، وبدأت رحلة المطاردة حتى اعتقل في يوم الثالث والعشرين من مايو 2006م.   

 

  • تعرض الأسير لعدة اعتقالات، هلا أوضحتها لنا ؟

اعتقل إبراهيم عند اليهود مرتين، الأولى عام 1989م أثناء دراسته البكالوريوس، وحكم عليه حينها 6 أشهر، والثانية عام 1995م لمدة 16 شهراً، ثم اعتقل عند السلطة الفلسطينية عام 1999م لمدة سنتين ونصف!

 

  • في ظل شح المعلومات التي تصل عن زوجك .. ما هو آخر خبر وصل لكم؟ وماذا عن وضعه الصحي؟ وفي أي سجن يقبع الآن؟

أما عن صحته فصحته جيدة ولله الحمد، لا بأس بها، يعاني من بعض المشاكل في الجهاز العظمي "بداية دسك" من مخلفات السنوات السبع التي قضاها في العزل الانفرادي،  وقد تم نقله مؤخرا لعزل "ريمونيم" بعد أن كان معزولاً في سجن "هداريم"، أما عن تواصلي معه، فالتواصل المباشر معه مقطوع منذ اعتقاله، وأنتظر زيارة المحامين لأطمئن على أخباره وأحواله.

 

  • تعرض الأسير لعدة محاولات اغتيال ، كيف كان وقع ذلك عليك عند سماعك مثل هذه الأنباء؟ وهل هذا كان يثني أم علي عن الوقوف إلى جانب أبي علي؟

تعرض زوجي لمحاولة اغتيال في شهر ديسمبر 2003م وكان قد هدم الاحتلال منزلنا في نوفمبر من العام نفسه، أي قبل محاولة الاغتيال بشهر، ومن فضل الله ما زادنا ذلك إلا ثباتاً وإصراراً ورضًى بقضاء الله وقدره، فلن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا.

 

  • من أين تستمد أم علي قوة عزيمتها وإرادتها وصبرها على مصاعب الحياة؟

الحمد لله على نعم المولى الكثيرة في حياتنا، وأهمها نعمة الصبر والرضى والحمد، وما يخفف مصابنا كرمُ المولى بما أعدّ للصابرين من أجر عظيم وجزاء جزيل، ونسأل الله أن نكون من أهل الصبر.

 

  • كيف  تعايشت أسماء حامد مع واقع الإبعاد ومرارته؟

كان للإبعاد وقع صعب، حيث كان الموقف لا يحتمل أي لحظة ضعف، بل يحتاج إلى صبر وهدوء لتنظيم شؤون حياتنا وجعلها حياة مستقرة ومريحة للأبناء وتوفير الراحة لهم ولزوجي في عرينه، بحيث يكون مرتاحاً لقدرتي على تولي الأمور بفضل من الله ومنته.

 

  • الكل يعلم أن الاحتلال يمنع أم علي من الزيارة، فما هي الطريقة التي تتواصلين فيها مع أبي علي؟

تواصُلُنا مع زوجي بشق الأنفس، وأسهل طريقة من خلال إرسال الرسائل عبر المحامين والتي منذ عام ونصف نفتقدها بسبب تشديد إدارة المعتقلات على زيارات المحامين، فمنهم من تعرض للاعتقال ومنهم من سُحبت منه رخصة مزاولة المهنة عقابياً ومنهم من استشهد، نتواصل أيضا عبر البرامج الإذاعية، والمشكلة التي تواجهنا أن الإذاعات المحلية تصل بصعوبة بالغة إلى معتقلات الشمال ومنها سجن "هداريم"، وهناك الرسائل عبر البريد أو الصليب، ولكنها تحتاج لأشهر طويلة حتى تصلنا وذلك لأن إدارة المعتقل تحتجز الرسائل قبل إخراجها للبريد سواء عبر الصليب أو البريد وفي هذا ضغط وعقاب ليس فقط للأسير؛ بل أيضا لذويه .

 

  • ما الذي لمسته الزوجة "أسماء" في زوجها؛ حتى تتمسّك به؟! وكيف كانت تربية الوالدين لكِ؟

تربيت في بيت ملتزم، والدي رحمه الله كان من مجاهدي كتائب عز الدين القسام، وقد كان حينها فتى لا يتجاوز السادسة عشر من عمره، شارك في عدة معارك ومنها ما ترك أثره على جسده، وكان رحمه الله ممن أسسوا وبنوا في جماعة الإخوان المسلمين في بلدتنا بلدة سلواد، نشأتي في بيت هذا المجاهد الفاضل الذي أنشأنا على أن المبدأ ثابت لا يتبدل؛ لأننا نستمد مبادئنا من تعاليم ديننا، فكان زوجي مبدأً جهادياً ثابتاً لا يتبدل في نفسي، فهو إنسان طيب الخلق، كريم النفس، مثقف، متوازن، روحه جميلة، قريب من الله، وهو طريقي للجنةْ إن شاء الله.

 

·       إذا سُمحت لك زيارة زوجك الفاضل فك الله أسره – ونسأل الله أن تلتقي به قريباً خارج السجون – .. حدّيثنا عن إحساسك في هذه الدقائق القصيرة، وما أهم الأمور التي ستحدثينه عنها؟

إن سنحت لي هذه الفرصة، سأكتفي بالنظر لوجه زوجي الوضاء، فلن أستطيع اختزال قصص أربعة عشر عاماً من الفراق في دقائق معدودة من الزمن! 
 

·       انتظارك لزوجك طيلة هذه الأعوام، هل هو نابع من حبك له ووفاء لما بينكما؟ أم هو جهاد المرأة؟ أم الأمرين معاً؟ وما هو ترتيبهما في نفسك؟

هو بالدرجة الأولى جهاد في سبيل الله، فمكانة المرأة الصابرة القانتة الحافظة السائحة مكانة عظيمة، ومن جهة أخرى حباً ووفاءً لزوجي وشقيق روحي.

 

·       إذا عادت بكِ الأيام وعلمتِ ما سيحدث، هل ستختارين ذات الطريق؟

رغم أنه لا أحد يعلم الغيب إلا الله، وأن الله يقدر الأقدار ويسبب الأسباب، إلا أنه إذا عادت بي الأيام سأتمسك بزوجي أكثر وأكثر.

 

·       ما هي أصعب اللحظات التي واجهتها خلال فترة المطاردة للمجاهد إبراهيم حامد؟

غياب الاستقرار والأمن والهدوء عن حياتنا وخوفي على زوجي، عانينا من المداهمات المستمرة لمنزلي ومنزل أهلي وأهل زوجي طوال فترة ملاحقة زوجي، وكان هذا أشبه بكابوس يومي.

 

·       كيف كان وقع خبر اعتقال زوجك إبراهيم وأنت مبعدة إلى الأردن؟

كان صعباً وثقيلاً على النفس، وإن كانت نهايةً متوقعةً لمجاهد ملاحَق من قبل جيش الاحتلال الصهيوني، إما الاعتقال أو الشهادة.

 

·       هل كنت تتوقعين الحكم الصادر بحقه ؟ وكيف  تلقيت  خبر حكمه؟

ما كنت أسمعه من محامي زوجي عن ثباته في التحقيق وعدم اعترافه بأي شيء كان يبعث فيَّ أملاً كبيراً حتى آخر لحظة أن يكون حكماً بسيطاً، ولكن من جهة ثانية ما كان الإعلام الصهيوني يصرح به من تهم موجّهة لزوجي ويقيني بأن محاكمهم صورية شكلية ليس أكثر ولا أساس للعدل فيها؛ توقعت أن يكون الحكم عالياً، وفي النهاية الحكم حكم الله، والفرج قريب من عنده بإذن الله، ولا نقول سوى حسبنا الله ونعم الوكيل، ولا حول ولا قوة إلا بالله، اللهم اخلفنا في مصيبتنا خيراً.

 

·       ما هي أول كلمات نطقت بها فور سماع خبر أسر القسام الضابط شاؤول آرون؟

حمدت الله حمدًا كثيرًا طيباً لا ينبغي إلا لجلال وجهه وسجدت لله شكراً، حيث لاحت في الأفق أحلام الحرية واللقاء، ونسأل الله أن يكون قريباً.

 

·       هل تتوقعين أن يدرج اسم زوجك بأي صفقة تبادل قادمة؟

أملي بالله كبير لا ينقطع، وأتمنى أن تكون هذه الصفقة صفقة المؤبدات، وإن كان الطموح بأن تبيَّض المعتقلات من كل الأسرى الفلسطينيين.

 

·       كلمة توجهينها للمجتمع الفلسطيني خاصة والعربي عامة؟

لأهلنا في فلسطين نقول: لِتبْقَ بوصلتنا تحرير المسرى وفلسطين، ولنكن صفاً واحداً يداً بيد لنحرر الوطن ونسترجع كامل ترابه ونسترد كرامة الشعب الفلسطيني المشرد في الشتات.

وللعالم العربي نذكره بأن وجوب الدفاع والذود عن مسرى الحبيب المصطفى – صلى الله عليه وسلم – هو واجب الأمة جمعاء وليس الشعب الفلسطيني فقط، والعمل لتحريره له أبواب كثيرة، نتمنى أن نرى قريباً أشكالَ كثيرة لدعم صمود الشعب الفلسطيني وإعانته لمقاومة الاحتلال الغاشم للأرض المباركة حتى ينادي المنادي للجهاد.

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى