حروف على أعتاب الحرية

الحب وأسير في القبو

بقلم: د. كفاح أبو هنود

 

ثنائية لا يحتملها إلا جنون المنطق!
هل يجرؤ الأسير على الحب؟! قالها المحامي وهو يعطيني منها هدية مغلفة..
ثم استطرد.. هكذا خُيِّلَ إليّ أن هؤلاء الأسرى نزعوا خفافهم على عتبة البشرية المثقلة بجاذبية الأرض وتسربلوا بالملائكية.. لتبقى الفصول لديهم بلا ربيع.. إما شتاء وصقيع.. أو خريف تصفر فيه الأمنيات!
أما هو فكان يقبض بقوة على وثيقة الزواج التي سافرت إليه عبر منظمة حقوقية..
كان يتساءل لماذا اختارت أن تجعلها في حوزتي؟
رغم أن بيني وبينها أعوامًا فلكية من الخلوة والعزلة.. ووعدٍ بالأفول!!
على جانب الوثيقة سطّرت.. أنها بعد فقده عرفت مذاق الصقيع!!
فكتبتُ بجانب أنفاس كلماتها.. أني أفتش في أشيائي فلا أجد إلا "أنتِ"..
و أعيد ترتيب صباحاتي فلا تشرق إلا بكِ!!
وقلت لها أن في عينيها مراكبي تشرع كل أجنحتها..
ثم همستُ لها أن لا تغمضي عينيك حتى لا أغرق أو أتكسر في المحيط..
كانت وثيقة الزواج تمارس نفس طقوس الصمود، تبقيني على بوابة الأمل..
أرى فيها اشتعالة اللقاء الأول يحرق أوراق المحكمة المثقلة بسنين المؤبد.. يلتهم إفكهم أن بيني وبينك سجن وشُبَّاك..
فها أنتِ ما زلتِ في سطر الزوجة، وما زال سطر الطلاق فارغًا من حضورك العظيم..
ترى هل يشتاق الأسرى لغير خبز الطابون وقهوة أمي؟!
و هل يستعذبون فن الوجع؟!

في العزل تصبح الجنة أقرب الحقائق.. ويصبح اللقاء أضغاث أحلام السجين..
لكنه التفرد! تفرد حتى في الحب.. فهنا نتقن فن كسر القيود..
نلتقي في غيابنا.. ونستفيق سويًّا.. ونغمض أعيننا حتى لا توقظنا الحقيقة.. ونؤمن أن الحلم فيه متسع لكل اللقاءات والمذاقات والأمنيات.. وأن حكاية عشق لم يحكها التاريخ ستغنّى عما قليل..

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى