عمداء الأسرى

وسام شرف مرصَّع بالصمود

بقلم : أ. رياض الأشقر

 نحكي قصة بطل لا يُشق له غبار، جاء في زمن تغطرس فيه الاحتلال وتجبر، فنادت البلاد شبابها وأهلها فأقبلوا، وأطل هذا الفارس الأسير البطل “ضياء زكريا الأغا” من مدينة خانيونس مُلبيًّا عن طيب نفس.

تجرع الأسى والمرارة مُذ كان صغيرًا، ولكن الشدة صنعت منه ثائرًا شديدًا، تربى في أحضان المخيمات التي خَّرجت الشهداء والأسرى، نشأ وترعرع في أزقة وأحياء المخيمات البسيطة الفقيرة؛ ولكن الثرية بالعزة والإباء.

ولد الأسير ضياء الأغا في التاسع عشر من شهر أبريل عام 1975 في مدينة خانيونس، فشارك في انتفاضة الحجارة منذ نعومة أظفاره وكان عمره آنذاك لا يتجاوز الثلاثة عشر عامًا، والتحق باكرًا -وهو ابن الستة عشر ربيعًا- بصفوف فصائل المقاومة، وعمل ضمن قوات العاصفة التابعة لحركة فتح، وانخرط بالعمل العسكري فأظهر جسارة ملحوظة.

نفّذ ضياء عملية بطولية ضد مجمع مستوطنات “غوش قطيف” الجاثم على أرض خانيونس ذلك الوقت، حيث أدت العملية إلى مقتل مسؤول أمن المستوطنة الضابط “إيماتس حاييم” والذي كان قد شارك في عملية الاغتيال الجبانة للقادة الكبار” كمال ناصر”، “كمال عدوان” و”أبو يوسف النجار”.

وفي اليوم العاشر من شهر أكتوبر عام 1992، اعتقلته القوات الصهيونية الخاصة ونقلته على الفور إلى مركز تحقيق عسقلان، حيث مارست مخابرات الاحتلال بحقه أبشع أنواع التعذيب والضغط والتهديد، كما استخدمت كل أشكال العقاب الجماعي بحق عائلته، وحرمته من رؤية ذويه لسنوات عدة، أصدرت المحكمة الصهيونية بحقه حكماً بالسجن الفعلي مدى الحياة بعد عامين من اعتقال ضياء، ولم يزعزع ذلك إيمانه بقضيته في شيء، بل ترسخ يقينه بحتمية النصر وزوال السجن والسجان.

أما “محمد” شقيق ضياء فقد اعتقل عام 2003، وحكم عليه بالسجن الفعلي مدة 12 عامًا، تلقيا خلالها نبأ وفاة والدهما الحاج زكريا الأغا عام 2005، وكانت تلك من أصعب اللحظات التي عاشها ضياء وشقيقه محمد، حيث حرما من إلقاء نظرة الوداع على جثمانه قبل مواراته الثرى.
انقضت مدة أسر محمد وتحرر من قيد السجان، وكانت لحظات صعبة على ضياء حين ودع شقيقه للحُرية، بينما هو لا يزال خلف القضبان، حيث كان من المفترض أن يطلق سراحه ضمن الدفعة الرابعة من صفقة “إحياء المفاوضات مع السلطة” نهاية عام 2013، إلا أن الاحتلال كعادته أخلف بوعده وأعاق إطلاق ثلاثين أسيرًا من القدامى من بينهم ضياء، ورغم ذلك لا زال موقنًا أن القيد سينكسر لا محالة وسيعود إلى أحضان المخيم الصامد ليكمل مشوار العطاء.

 

 

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى