بقلم: يحيى صالح
تسير مثقِلةً كاهل الأسرى، تسير كما السلحفاة على شاطئ بحر مليء بالحجارة المرصعة لا تسمح لها بتخطي أمواج البحر، مثل ما الأسير يعجز عن مغادرة سجنه.
يجلسون طوال الليل يتسامرون عن طعم ولون الحريّة، ويتساءلون عن قربها من شكل الجنة، أم أنها غير معروفة للبشر كما الأخيرة أيضًا؟!
ساعات تنزوي وأخرى تنطوي، والأسرى يحملقون في جدران غرفةٍ تخضبت بألوان الذل والبعد والحرمان، وأُشربوا في قلوبهم الألمَ والغصة، وباتوا يرقبون عن بعد.. كأنه سراب.. وينادون بصوتٍ عالٍ دون صدىً مجيب: "الحرية.. الحرية"!
في كل يوم وحين، يعيش أسرانا على أمل الحرية التي انعدمت من حياتهم، يعشقونها بقدر عشقهم للحياة، دون ذلك فما لهم من مطلب غير الموت، وأي موتٍ جذبهم من شاطئ الحياة الرغيدة، ليدافعوا عن شرف أمةٍ تناست وجودهم في سجونٍ ظالمةٍ منذ أمدٍ بعيد.
إنها الحرية مطلبهم، وما دونها سراب في معيشتهم، لا يريدون المأكل ولا المشرب، حريّة دون حكم أحدٍ عليهم، حريّة العيش والهناء في كنف عوائل رضعت حب الوطن وحب الدين.
تمضي الأيام والسنون، وما زال أكثر من سبعة آلاف ومئتي أسير وأسيرة في سجون الاحتلال يرون الحريّة بعيون الأحرار.. وما زالوا يرددون دون صدى يجيبهم: "الموعد اقترب.. الموعد اقترب".